الشباب والوعى
نيافة الأنبا موسى
وضع لنا السيد المسيح خمس مبادئ في علاقتنا بالعالم :
1- المبدأ الأول : ((ليسوا من العالم كما اني انا لست من العالم)) يو 17
: 16
يقول السيد المسيح في يوحنا 17: 16 ((ليسوا من العالم
كما
أني أنا لست من العالم)) ,
فماذا تعني عبارة ليسوا من العالم؟
تعني أننا أبناء المسيح, أننا مختلفين عن باقي الناس
لأننا نتطلع إلى الملكوت السماوي
الذي سنرى فيه المسيح يسوع رب المجد
-2 المبدأ الثاني : ((لست أسأ ل أن تأخذهم من العالم بل
أن تحفظهم من الشرير)) (يو 17: 15(
فأنا لست من العالم لكني سأبقى في العالم و إلا كان كل
المسيحيين تركوا العالم و ترهبوا, لكن أغلب الناس مدعوه للزواج و الإنجاب و الحياة
العادية في
العالم, فالمسيح رب المجد يقول ليس معنى أنكم مختلفين أن تتركوا العالم و تخرجوا كلكم للصحراء أو البرية, هذا
ليس مطلوب منا جميعاً.
المطلوب أن نبقى في العالم, لكن نسلك سلوك مقدس في وسط
العالم كما كان المسيح له المجد.
-3 المبدأ الثالث : ((كما أرسلني الآب أرسلكم أنا)) (يو
20: 21))
أي أنك موجود هنا ليس لكي تحيا حياه مثل باقي الناس,
لكنك ستحيا حياة ذات رسالة, أي أن لكل فرد فينا رسالة في هذا العالم, يجب أن نخدم العالم
لكي نقدم المسيح لكل
إنسان و تقدم المحبة و الخير لكل إنسان.
* هذه الثلاث مبادئ ذۥكرت في يوحنا 17 و يجب أن نضعها
دائماً أمام أعيينا لكي نعرف من نحن و هي التي ذكرها
المسيح له المجد في صلاته الوداعية للآب.
4- المبدأ الرابع : ((لا تحبوا العالم و لا
الأشياء التي في العالم)) (1يو 2 : 15)
و هذه الآية نسمعها في القداس عندما يقرأ الشماس
الكاثوليكون, و معناها أن لا نحب الأشياء التي في العالم.
5-
المبدأ الخامس : ((هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه
الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به)) (يو 3: 16)
و هذه الآية ليست عكس السابقة فنحن لا نحب الأشياء التي
في العالم لكن نحب البشر الذين في العالم.
فالآن أصبح لدينا خمس مبادئ في التعامل مع العالم يجب
أن نتذكرهم:
1- لسنا من العالم. 2- سنبقى في العالم. 3- سنخدم
العالم
4- لن نحب الأشياء التي في العالم. 5- سنحب كل الناس
الذين في العالم.
و عندما نتحدث عن الشباب و الوعي, نجد أن الشباب في
حاجة إلى أن نحيا أربعة أنواع من الوعي:
1- وعي مسيحي.
2- وعي كنسي..
1- الوعي المسيحي:
و هو أهم شيء لأن ليس لي حياة إلا بالمسيح, و ليس لي
أبدية إلا بالمسيح, و لذلك هذا هو أول شيء في حياتي.
يمكن أن تأخذ حياتي لكن لا تأخذ مني المسيح لأني لو
فقدت المسيح فقدت خلاصي و أبديتي و لذلك أول وعي يجب أن يكون لدينا كشباب مسيحي قبطي
أرثوذوكسي هو الوعي المسيحي و يشمل:
أ- أن أعرف المسيح.
ب- أن أشبع بالمسيح.
ج- أن أتحد بالمسيح.
فمسيحي يجب أن أعرفه جيداً و أن أشبع به وجدانياً و
اختبارياً و يجب أن أتحد به من خلال التناول من جسده و دمه.
أ- أعرف المسيح:
و المسيح بالنسبة لي هو حياتي ((لي الحياة هي المسيح))
(في 1: 21), فحياتي بدون المسيح لا تساوي شيء لذلك فالإنسان المسيحي مستعد أن يسلم نفسه
للموت من
أجل المسيح و آباؤنا الشهداء خير دليل على ذلك و آباؤنا الرهبان باعوا كل أملاك الأرض و اكتفوا فقط بالمسيح.
يجب أن اعرف المسيح بمعنى أن أفهم فعندما يسأل شخص من
هو المسيح, يمكن أن يجاوب إنسان بسيط بأنه نبي من الأنبياء, يجب أن أجاوب "لا, هو
ليس نبي" إنه خالق الأنبياء و الدليل على ذلك أن إشعياء النبي تنبأ عن ميلاده
قبلها ب 800 سنة و قال:
لأنه يولد لنا ولد و نعطى ابنا و تكون الرياسة على كتفه و
يدعى اسمه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً أباً أبدياً رئيس
السلام (اش 9 : 6)
فهو اله مع انه ولد, ((عظيم هو سر التقوى الله ظهر في
الجسد)) (1تي 3: 16)
فهذه الآية هامة لأن فيها خلاصي كله.
و يقول اشعياء و لا يكون لملكه نهاية أي أنه لانهائي
فهو بالطبع ليس نبي لأن أي نبي في العالم يموت و كل الأنبياء السابقين ماتوا, لكن المسيح
هو الوحيد الذي مات
و قام, و لم يقمه أحد لكنه أقام نفسه بنفسه, و أقام نفسه
بجسد نوراني, و أقام نفسه و لم يمت و لن يموت إلى الأبد.
و كل الأدلة تؤكد أن المسيح حي و سيظل حياً إلى الأبد و
هو الذي سيأتي ليدين العالم.
من هو المسيح؟ هذا هو السؤال الأول, يجب أن أدرس لأعرف
الإجابة.
- أعرف أننا نؤمن باله واحد, لكن هذا ليس كافياً,
فاخناتون كان يؤمن باله واحد.
- إلهنا مثلث الأقانيم, الآب و الإبن و الروح القدس, و
الابن تجسد لأجلي, و مات على الصليب لأجلي, و قام من بين الأموات من أجلي, و صعد إلى
السموات من
أجلي, و أسس الكنيسة من أجلي, و وضع فيها الأسرار المقدسة من لأجلي و عندما يخلصني و يقدسني يمكن أن يأخذني
و يحملني إلى الملكوت لأحيا معه إلى الأبد.
هذا هو المسيح, يجب أن أدرس و أعرف.
ب- أشبع بالمسيح:
يمكن لأي شخص أن يدرس و يعرف من هو المسيح و لكن هذا لا
يكفي فنحن نريد الشبع و الاختبار.
أن أشبع به أي أن أعاشره, أتصل به, أتفاعل معه, أختبره
في حياتي, أكلمه و أسمعه: أكلمه من خلال الصلاة و أسمعه من خلال الإنجيل. و ليس ذلك فقط
و لكني سآكله من
خلال التناول.
فالمسيح بالنسبة لي لن يكون معلومة عقلانية لكن خبرة
حياتيه, سيكون في داخلي كائن معاش, ساكن محبوب في داخل القلب, يحيا معي يوم بيوم و ليلة بليلة.
أول شيء أفعله عندما أستيقظ أناديه, و قبل أن أنام
أناديه, و طوال اليوم و أقول يا يسوع ارحمني.
ج- أتحد به:
و هذه هي القمة و التي تتم في الافخارستيا, ((من يأكل
جسدي و يشرب دمي يثبت في و أناً فيه)) (يو 6 : 56)
و الصلاة السرية التي يصليها الأب الكاهن في القداس
يقول فيها: ((لكي إذ طهرتنا توحدنا بك من جهة تناولنا من جسدك و دمك.)) , - طهرتنا
بالتوبة و الاعتراف.
- و طهرتنا بدمك المقدس.
- و طهرتنا بسماع الإنجيل المقدس في القداس.
فنتحد بك و نتحد معاً فيك بالتناول من جسد الرب و دمه.
هذا هو الوعي المسيحي, إن ضاع منا ضاع كل شيء, و إن
فقدنا المسيح فقدنا كل شيء, فماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله و خسر نفسه.
كل الدنيا نفاية بدون ربنا, فكل شيء زائل و فاني و لا
يبقى شيء سوى ربنا يسوع المسيح و كل الأنفس التي تعرفت عليه و خلصت به و تغيرت إلى
أجساد نورانيه
لكي تصعد معه و به و تستقر في الملكوت السماوي المجيد إلى أبد الآبدين.
* هذا هو الوعي المسيحي : أن نعرفه, نشبع به, نتحد به.
2- الوعي الكنسي:
أنا مسيحي, نعم لكن أنا مسيحي أرثوذوكسي, قبطي.
ليس كافياً أن أقول أرثوذوكسي لأنه يوجد يونان
أرثوذوكس, و أرمن أرثوذوكس فيجب أن أحدد من أكون في الأرثوذوكس.
(أ) أرثوذوكسي.
(ب) قبطي.
لذلك أنا أعرف عقيدتي و عندي وعي بالعقيدة بمعنى أنه
عندما يسألني أحد ما هي عقائدنا أقول أننا نعتقد في الأسرار السبعة, و نعتقد في شفاعة
القديسين, و نعتقد في
الصلاة على الراقدين, و نعتقد في أهمية التقليد الكنسي الرسولي الذي سلم لنا الكتاب المقدس و لولاه
كان يمكن أن تدخل بعض الكتب الخاطئة, لكن
الكنيسة سلمت لنا الكتاب المقدس و كما قال القديس أغسطينوس: (أقبل الكتاب المقدس مسلماً من الكنيسة,
مشروحاً بالآباء, معاشاً في القديسين)
و هكذا أستطيع أن أجاوب على أي سؤال.
فعندما يشكك أحد في هذه العقائد أستطيع أن أجاوبه,
فمثلاً قد يقلل شخص من شِأن المعمودية و يقول أنها شكلية, فأرد بأنها هامة جداً للخلاص
فالكتاب يقول
((الذي مثاله يخلصنا نحن الآن أي المعمودية)) (1بط 3: 21)
و عندما نعتمد تغسل الخطية ليس بالماء بل بالروح فنحن
نعتمد بالماء و الروح, و المعمودية يجب أن تكون بالتغطيس لأنها موت مع المسيح و
قيامة مع المسيح.
و عندما يشكك أحد في الكهنوت نرد عليه بأنه في رسالة
بولس الرسول إلى العبرانيين يسمى السيد المسيح رئيس كهنة (عب 2: 17 , 4: 14 ........)
فلابد أن
هناك كهنة و إلا على من يكون المسيح رئيس؟
و بولس الرسول في رسالته إلى أهل رومية يقول ((مباشراً
لإنجيل الله ككاهن)) (رو 15 : 16)
و يجب أن أكون واعياً بعقائدي و طقوسي, فلماذا يوجد
مذبح؟
يقول الكتاب: (( يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر )) (أش
19:19) , فهذا المذبح ليس يهودي لأن اليهودي في أورشليم, و ليس لأنه للرب,
فبالتأكيد هذا هو المذبح المسيحي.
لذلك أنا معتز بكنيستي القبطية, أنا أرثوذوكسي قبطي و
كنيستي يوجد عنها نبوة في الكتاب المقدس قبل الميلاد ب 800 سنة.
و السيد المسيح جاء إلى مصر مع العائلة المقدسة, و
مكتوب في الكتاب المقدس((مبارك شعبي مصر)) (أش 19: 25)
يجب أن أعرف عقائدي و طقوسي فالكتاب يقول ((هلك شعبي من
عدم المعرفة)) (هو 4: 6)
لماذا توجد شموع؟
لماذا البخور؟ البخور موجود في السماء و هو صلوات
القديسين (رؤ 5: 8)
الطقوس هي الوعاء الذي يخمل العقيدة, و يعلم العقيدة, و
يعبر عن العقيدة.
فصلاة بشفاعات والدة الإله رغم قصرها فيها عدة عقائد
منها:
1- بشفاعات : عقيدة الشفاعة.
2- والدة الإله: عقيدة الثيؤطوكوس, أي أن السيدة
العذراء ليست أم المسيح (الناسوت فقط) لكنها أم الله فالمسيح
لاهوته متحد بناسوته على الدوام, لذلك سميت أم الله.
3- أنعم لنا بمغفرة خطايانا: عقيدة أن الغفران نعمة من
الله.
4- نسجد لك أيها المسيح مع أبيك الصالح و الروح القدس:
عقيدة الثالوث.
لابد أن يوجد وعي كنسي ليس فقط بالعقيدة و الطقس, لكن
أيضاً وعي بالتاريخ, فعندما
تمتد الجذور تنمو الساق, فلا يمكن أن تنمو الساق لأعلى يدون أن تمتد الجذور لأسفل.
يجب أن أعرف من بشرني, أعرف كنيستي و تاريخها, أعرف
لاهوتييها, شهدائها, قديسيها, و أعرف مواقفها في المجامع.
أعرف أن كنيستي هي التي أسست الرهبنة في المسيحية كلها
و أعرف أنها قدمت عدد مهول من الشهداء, لذلك عندنا تقويم ميلادي و تقويم آخر خاص
بالشهداء.
أعرف أن كنيستي كرزت بالإنجيل حتى تركيا و فلسطين
شمالاً, و اريتريا و أثيوبيا جنوباً , حتى الهند شرقاً, و حتى سويسرا و أيرلندا غرباً.
هذه كلها حقائق تاريخية يجب أن أعرفها.
|